سورة الأحزاب - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)}
أخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: إن أهل مكة منهم الوليد بن المغيرة، وشيبة بن ربيعة، دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرجع عن قوله على أن يعطوه شطر أموالهم، وخوفه المنافقون واليهود بالمدينة إن لم يرجع قتلوه، فأنزل الله: {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ولا تطع الكافرين} أبي بن خلف {والمنافقين} أبو عامر الراهب، وعبد الله بن أُبي بن سلول، والجد بن قيس.


{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)}
أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم يوماً يصلي، فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه: ألا ترى أن له قلبين؟ قلباً معكم، وقلباً معهم. فأنزل الله: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة قالوا: كان رجل يدعى ذا القلبين، فأنزل الله: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه}.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رجل من قريش يسمى من دهائه ذا القلبين، فأنزل الله هذا في شأنه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال: كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى ذا القلبين. كان يقول: لي نفس تأمرني، ونفس تنهاني، فأنزل الله فيه ما تسمعون.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: إن رجلاً من بني فهر قال: إن في جوفي قلبين، اعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فنزلت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي: أنها نزلت في رجل من قريش من بني جمح، يقال له: جميل بن معمر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فسها فيها، فخطرت منه كلمة، فسمعها المنافقون، فأكثروا فقالوا: إن له قلبين. ألم تسمعوا إلى قوله وكلامه في الصلاة؟ إن له قلباً معكم، وقلباً مع أصحابه، فنزلت {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين} إلى قوله: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه}».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الزهري في قوله: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} قال: بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة، ضرب له مثلاً يقول: ليس ابن رجل آخر ابنك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كان الرجل يقول لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي. فقال الله: {وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم} وكان يقال: زيد بن محمد. فقال الله: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم} أي ما جعلها أمك، وإذا ظاهر الرجل من امرأته فإن الله لم يجعلها أمه، ولكن جعل فيها الكفارة {وما جعل أدعياءكم أبناءكم} يقول: ما جعل دعيك ابنك. يقول: إن ادعى رجل رجلاً فليس بابنه. ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «من ادعى إلى غير أبيه متعمداً حرم الله عليه الجنة».
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم} قال: نزلت في زيد بن حارثة رضي الله عنه.


{ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)}
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر: «أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد. حتى نزل القرآن {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت زيد بن حارثة بن شراحيل».
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة «أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان ممن شهد بدراً تبنى سالماً، وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيداً، وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه وورثه من ميراثه حتى أنزل الله في ذلك {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} فردوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخاً في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن سالماً كان يدعى لأبي حذيفة رضي الله عنه، وإن الله قد أنزل في كتابه {ادعوهم لآبائهم} وكان يدخل عليَّ، وأنا وحدي، ونحن في منزل ضيق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارضعي سالماً تحرمي عليه».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان من أمر زيد بن حارثة رضي الله عنه أنه كان في أخواله بني معن من بني ثعل من طيء، فأصيب في غلمة من طيء، فقدم به سوق عكاظ، وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد إلى عكاظ يتسوق بها، فأوصته عمته خديجة رضي الله عنها أن يبتاع لها غلاماً ظريفاً عربياً ان قدر عليه، فلما جاء وجد زيداً يباع فيها، فأعجبه ظرفه، فابتاعه فقدم به عليها وقال لها: إني قد ابتعت لك غلاماً ظريفاً عربياً، فإن أعجبك فخذيه وإلا فدعيه، فإنه قد أعجبني، فلما رأته خديجة اعجبها، فأخذته فتزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عندها، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ظرفه، فاستوهبه منها فقالت: هو لك فإن أردت عتقه فالولاء لي، فأبى عليها فوهبته له إن شاء أعتق وإن شاء أمسك قال: فشب عند النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم إنه خرج في إبل طالب إلى الشام، فمر بأرض قومه. فعرفه عمه، فقام إليه فقال: من أنت يا غلام؟ قال: غلام من أهل مكة. قال: من أنفسهم؟ قال: لا. فحر أنت أم مملوك؟ قال: بل مملوك قال: لمن؟ قال: لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقال له: أعربي أنت أم عجمي؟ قال: بل عربي قال: ممن أهلك؟ قال: من كلب قال: من أي كلب؟ قال: من بني عبدود قال: ويحك.
. ! ابن من أنت؟ قال: ابن حارثة بن شراحيل قال: وأين أصبت؟ قال: في أخوالي قال: ومن أخوالك؟ قال: طي قال: ما اسم أمك؟ قال: سعدي. فالتزمه وقال ابن حارثة: ودعا أباه وقال: يا حارثة هذا ابنك. فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه قال: كيف صنع مولاك إليك؟ قال: يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حباً، فلا أصنع إلا ما شئت.
فركب معه وأبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له حارثة: يا محمد أنتم أهل حرم الله وجيرانه، وعند بيته. تفكون العاني، وتطعمون الأسير. ابني عبدك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه، فإنك ابن سيد قومه فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيكم خيراً من ذلك قالوا: وما هو؟ قال: أخيره فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن اختارني فكفوا عنه قالوا: جزاك الله خيراً فقد أحسنت، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا زيد اتعرف هؤلاء؟ قال: نعم. هذا أبي وعمي وأخي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم فأذهب معهم، وإن اخترتني فأنا من تعلم فقال زيد: ما أنا بمختار عليك أحداً أبداً، أنت مني بمكان الوالد والعم قال له أبوه وعمه: يا زيد تختار العبودية على الربوبية؟ قال: ما أنا بمفارق هذا الرجل.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرصه عليه قال: اشهدوا أنه حر، وإنه ابني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه وعمه، لما رأوا من كرامته عليه، فلم يزل زيد في الجاهلية يدعى: زيد بن محمد. حتى نزل القرآن {ادعوهم لآبائهم} فدعي زيد بن حارثة».
وأخرج ابن عساكر من طريق زيد بن شيبة عن الحسن بن عثمان رضي الله عنه قال: حدثني عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا: كان عامر بن ربيعة يقال له: عامر بن الخطاب وإليه كان ينسب، فأنزل الله فيه، وفي زيد بن حارثة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن عمرو {ادعوهم لآبائهم..}.
وأخرج ابن جرير عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال: قال الله: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} فإنا ممن لا يعلم أبوه، وأنا من اخوانكم في الدين.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} أعدل عند الله {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} فإذا لم تعلم من أبوه فإنما هو أخوك في الدين ومولاك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} قال: إن لم تعرف أباه فأخوك في الدين ومولاك مولى فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في الآية يقول: إن لم تعلموا لهم آباء تدعوهم إليهم فانسبوهم اخوانكم في الدين إذ تقول: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، وأشباههم من الأسماء، وأن يدعى إلى اسم مولاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} يقول: أخوك في الدين ومولاك مولى بني فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سالم بن أبي الجعد قال: لما نزلت {ادعوهم لآبائهم} لم يعرفوا لسالم أباً ولكن مولى أبي حذيفة إنما كان حليفاً لهم.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به} قال: هذا من قبل النهي في هذا وغيره {ولكن ما تعمدت قلوبكم} بعد ما أمرتم وبعد النهي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به...} قال: لو دعوت رجلاً لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس، ولكن ما أردت به العمد.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله ما أخشى عليك الخطأ، ولكن أخشى عليك العمد».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لست أخاف عليكم الخطأ، ولكن أخاف عليكم العمد».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8